اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 542
لجماهير الأنبياء والرسل وأممهم إِنَّ هذِهِ الملة التي هي ملة الإسلام وطريق التوحيد والعرفان أُمَّتُكُمْ اى قدوتكم وقبلتكم وقصارى أمركم والحكمة في جبلتكم وخلقكم ما كانت الا أُمَّةً واحِدَةً بحيث لا تعدد فيها أصلا وَأَنَا رَبُّكُمْ الواحد الأحد الفرد الصمد فَاعْبُدُونِ ايها الاظلال المنعكسة من أسمائي وأوصافي وتوجهوا نحوي بغاية التذلل والخضوع ونهاية الانكسار والخشوع
وَبعد ما قد كانوا اى العكوس والاظلال في اصل فطرتهم امة واحدة منتشئة من شئون الوجود وتطوراته الغير المحدودة بلا اختلاف فيهم أصلا تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ اى امر دينهم قطعا قطعا وتحزبوا أحزابا وفرقا متفاوتة حسب تفاوت استعداداتهم المترتبة على الأسماء الذاتية المتقابلة والشئون المتفاوتة والتجليات المتخالفة الإلهية فوقع النزاع بَيْنَهُمْ فاختلفوا اختلافا كثيرا على سبيل المراء والمجادلة وبالجملة لا تبال بهم وباختلافهم وتحزبهم إذ كُلٌّ منهم إِلَيْنا راجِعُونَ رجوع الأمواج الى البحر والاظلال الى الأضواء وبعد ما اختلفوا وتعددوا
فَمَنْ يَعْمَلْ منهم مِنَ الصَّالِحاتِ المرضية لنا المقبولة عندنا وَهُوَ مُؤْمِنٌ موقن بتوحيدنا مصدق لرسلنا وكتبنا فَلا كُفْرانَ ولا تضييع منا لِسَعْيِهِ الذي قد سعى في طريقنا طلبا لمرضاتنا بل وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ حافظون حارسون عموم ما صدر عنه من الخيرات الموجبة للمثوبات ورفع الدرجات فنعطيه ما استحق له من الثواب بلا فوت شيء منها
وَاعلموا ان حفظنا وحراستنا حَرامٌ ممنوع منا محرم من عندنا عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها اى أهلها قهرا منا وغضبا إياهم بسبب أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ولا يتوجهون إلينا ولا يؤمنون بتوحيدنا ولا يصدقون بكتبنا ورسلنا بل يكذبون الكل وينكرون له وهكذا يتمادى حرمتنا ومنعنا إياهم الى ان قد ظهرت اشراط الساعة ولاحت إماراتها
حَتَّى إِذا فُتِحَتْ وفتقت يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ اى سدهما الذي قد سد بينهما وبين سائر الناس وَهُمْ بعد فتح السد ورفع المانع من شدة عداوتهم مع الناس وحرصهم على تخريب البلاد مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وتلال وجبال يَنْسِلُونَ ويسرعون الى الناس كالذباب الجوع
وَبعد ما اقْتَرَبَ ودنا الْوَعْدُ الْحَقُّ والموعود المحقق الذي هو فتح السد وخروجهما من جملة أشراطه وعلاماته وقامت القيمة فَإِذا هِيَ اى الحالة والقصة حينئذ انها شاخِصَةٌ حائرة مدهوشة مضطربة أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا في النشأة الاولى بالله وكذبوا هذا اليوم الموعود لهم فيقولون يومئذ متمنين متحسرين خائبين يا وَيْلَنا وهلاكنا تعال فالآن وقت حلولك قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ عظيمة مِنْ مجيء هذا اليوم في نشأتنا الاولى بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ خارجين عن مقتضى الحكم الإلهي منكرين لهذا اليوم سيما بعد اخبار الرسل وإنزال الكتب ثم خاطب سبحانه الكافرين الذين قد أشركوا بالله مع انه سبحانه لم ينزل عليهم سلطانا خطابا عاما شاملا للعابدين ومعبوداتهم
فقال إِنَّكُمْ ايها المشركون الجاهلون بقدر الله وعلو شأنه وَعموم ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الاظلال والتماثيل التي قد اتخذتموهم آلهة وادعيتم استحقاقهم للعبادة والإطاعة أنتم وآلهتكم كلكم جميعا حَصَبُ جَهَنَّمَ وحطبها ووقودها أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ ورود الانعام في الأودية والاغوار بزجر تام وعنف مفرط
لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً كما زعمتم واعتقدتم ايها الحمقى العمى الظالمون ما وَرَدُوها لا أنتم إذ آلهتكم ينقذونكم منها البتة ولا هم أنفسهم لأنهم آلهة والإله لا يدخل النار لكن تردون أنتم وهم جميعا عابدا ومعبودا تابعا ومتبوعا فظهر انهم ما كانوا آلهة بل عبادا أمثالكم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 542